اكتشفوا وفاته بالصدفة بعدما مـ ـات وتعـ ـفن داخل غرفته عاش سنوات من الوحدة والعزلة والمرض ورفض الإنجاب وتخلى عنه أصدقائه معلومات عن شرفنطح محمد كمال المصري

بقامة قصيرة، وجسد نحيل، مع وجه نحيف تزينه عيون ماكرة وأنفاً ضخماً وشارب حائر، إستطاع الفنان "محمد كمال المصري" الشهير بـ "شرفنطح"، أحد أشهر كوميديانات السينما المصرية، أن يتقمص جميع الشخصيات التي أداها ببراعة متناهية، حين تشعر معه إنه "مكار" وأخرى "بخيل" وتارة "مغنواتي"، ورغم نجاحة في تجسيد تلك الأدوار ببراعة، إلا إنه لم ينل حظه في الحصول على البطولة المطلقة .

ولد "محمد كمال المصري" الشهير بـ "شرفنطح"، في 11 أغسطس عام 1886 في حارة متفرعة من شارع محمد علي بالقاهرة، كان والده يعمل مدرساً في الأزهر، عشق الفن منذ صغره، وتمنى أن يصبح مثل الشيخ "سلامة حجازي، حيث ظهرت موهبته عندما كان طالباً في مدرسة الحلمية، بعدما انضم لفرقة التمثيل بالمدرسة .

بمجرد أن شًب عوده، هرول "محمد كمال المصري" إلى أستاذه "سلامه حجازي" ليتعلم منه أساسيات الفن، بعدما أصبح عضوا في فرقته المسرحية، وانضم بعد ذلك إلى فرقة "سيد درويش" و "نجيب الريحاني" و جورج أبيض" ليقف على خشبة المسرح ويبدع في الغناء وإلقاء الكوميديا على الجمهور، لينتزع الضحكات ممن حوله .

قدم "محمد كمال المصري" خلال مشواره الفني ما يقرب من 45 فيلماً سينمائياً، واشتهر بإسم "شرفنطح" نسبة إلى أحد الشخصيات التي كان يجسدها في إحدى المسرحيات، ومن أشهر أفلامه في السينما ( سلامة في خير، سي عمر، سعاد الغجرية، سلامة، ملكة الجمال، أبو حلموس، فاطمة، ليالي الأنس، شارع محمد علي، جواهر، عفريتة إسماعيل ياسين، خبر أبيض، بيت النتاش، حسن ومرقص وكوهين، ابن الفلاح، البطل )، كما قدم للمسرح ( مملكة الحب، المحظوظ علشان بوسة، آه من النسوان، ياسمينة، نجمة الصباح ) .

في أواخر أيامه، عانى الفنان "محمد كمال المصري" كثيراً، بعدما وقع فريسة لمرض "الربو" الذي أجبره على إعتزال التمثيل، وعدم مقدرته على الوقوف أمام الكاميرا بأمر من الأطباء، وظل على فراشه سجيناً في مسكنه المتواضع، داخل غرفة مظلمة في إحدى منطقة حواراي باب الخلق، وكانت زوجته فقط هي من ترعاه وتقف بجانبه، بعدما تخلى عنه زملائه الفنانين، وعدم مساندتهم له في مرضه،  بالإضافة إلى أن "شرفنطح" لم ينجب أي أبناء، وأنفق كل ما يملك في العلاج، وعاش على صدقات جيرانه، حتى قامت "نقابة الممثلين" بتخصيص معاش شهري له بقيمة 10 جنيهات .

بعد سنوات من الوحدة والعزلة والمرض في أواخر أيامه، رحل عن عالمنا الفنان الكبير "محمد كمال المصري" في 25 أكتوبر عام 1966، عن عمر يناهز الـ 80 عاماً، ولم يعلم بوفاته أحد لمدة أسبوع، حتى تعفنت جثته، ولم يلاحظ أي شخص وفاته، إلا بعد صدور رائحة فاحت من غرفته، وعند فتح الغرفة وجدوه حاطط شوية الفلوس اللي معاه في حزام رابطه على بطنه خوفاً من سرقته، حتى الفنانين لم يعلم أحد منهم بوفاته إلا بعد رحيله، وذلك بعدما جاء مندوب "نقابة الممثلين" لتسليمه المعاش، فقال له الجيران "البقاء لله عم شرفنطح مات" .